الاثنين، 18 يناير 2016

عن نقد شعر صدر الإسلام الإشكالات والبواعث


تامر الأشعري

ظهرت الأديان قبل الإسلام في الجزيرة ، وتنوعت مذاهب العبادة فيها ، ولكنها لم تكن تثير بين أصحابها كثيرا من المشاحنات فلم يكن ثمة حرب في سبيل العقيدة كما يبدو ، وإنما كانت أكثر الحروب في سبيل العيش والاقتصاد ، ذلك لأن العربي كان يعيش حرا غير مقيد بمعبد أو عقيدة ، .. لذلك لم يصل إلينا هجاء ديني خلال حقبة طويلة من أيامهم . ([1])
فلما كان الدين الجديد وقف العرب حيارى أول الأمر ، لأنهم حريصون أشد الحرص على حريتهم التي تعودوها ، بعيدون عن التقيد بهذا النظام الذي يريد أن يأخذهم بأمور لم يعهدوها . ([2])
فلما أدركوا غايات الإسلام ووسائله ، وأنه يريد لملمة شتاتهم الذي بسببه استضعفتهم فارس والروم ، دخلوا في الدين وآمنوا به ! ([3]) فحدث تمازج بين مرحلتين ، مرحلة نهاية البداوة الجاهلية ، وبواكير الحضارة الإسلامية ، فحدث شيء من الإرباك في الأفكار والعادات والتقاليد .. وفي الفن أيضا ، وهاهنا يكمن السبب الجوهري وراء ذهابكثیر من النقاد إلى أن الشعر العربي قد ضَعف كمّا وكْیفا في المرحلة التي تلتِ الجاھلیة مباشرة، وھي المُسَمّاة "مرحلة صدر الإسلام"، ولم يستمر على وتیرة النضج الذي بلغه أواخر العصر الجاھلي، ولم يعد الشعراء العرب يبدعون قريضا يضاھي النصوص التي جادت بھا قرائحُ أسلافھم .
وإذا تصفحْنا كتابات ھؤلاء القائلین بضعف الشعر في صدر الإسلام، فسنجدھم ينطلقون - غالبا- من ثلاثة نصوص نقدية معروفة يستندون علیھا لتسْويغ رأيھم، والدفاع عن وجھة نظرھم بشأن وضعیة الشعر العربي في عصري النبوة والخلافة الراشدة، وأولُ ھذه النصوص نصُّ أبي سعید عبد الملك بن قرُيَب بن عبد الملك، المعروف ب"الأصمعي" (ت 216 ھ)، الذي ربط فیه بین الشعر والأخلاق ربطا واضحا، فقال: "الشعر نكَد بابهُ الشر،ُّ إذا أْدخلتهَ في باب الخیر ضَعف ولانَ" . ([4])
وثاني نصٍّ ينطلق منه منْ قالوا بضعف شعر صدر الإسلام نصُّ ابن سلام الجُمَحي (ت 231 ھ) الآتي: "جاء الإسلام، وتشاغلت عن الشعر العربُ، وتشاغلوا بالجھاد وغزو فارس والروم، ولَھتْ عن الشعر وروايته. فلما كثر الإسلام، واطمأنتِّ العرب بالأمصار، راجعوا رواية الشعر، فلم يؤَولوُا إلى ديوان مَدونَّ، ولا كتاب مكتوب، وألْفوا ذلك وقد ھلك من العرب منْ ھلك بالموت والقتل، فحِفظوا أقلّ ذلك، و ذھب علیھم منه كثیر ". ([5])
والنص الثالث لابن خلدون (ت 808 ھ) ، إذ يقول: " انصرف العرب عن الشعر أولَ الإسلام بما شَغلھم من أْمر الدين والنبوة والوحَي وما أْدھَشَھم من أسلوب القرآن ونظْمه، فأخرسَوا عن ذلك، وسكتوا عن الخْوض في النطم والنثر زمانا،ً ثم استقر ذلك وأْونسَ الرشُّد من الملة، ولم ينزل الوحي في تحريم الشعر وحَظْره، وسمِعه النبي صلى لله علیه وسلم وأثاب علیه، فرجعوا حینئٍذ إلى ديَدنھم منه " . ([6])
عِلاوةً على الأسباب التي أشارت إلیھا النصوص الثلاثة السابقة، ھناك أسبابٌ أخرى يذكرھا بعضُ النقاد والدارسین ، أبرزها مايلي :
§       أن ثمة شعراَء قد سكتوا عن قول الشعر، وانصرفوا عن نظمه تماما ؛ مخافَة أنْ ينطبق علیھم ما قاله الله تعالى عن الشعراء حین قرنَھَم بالغاوين، وذكر أنھم يھیمون في كل واد، وأنھم قوالون غیر فّعالین ([7]) ، وممن تحاشى قول الشعر في الإسلام لأجل هذا ؛  لبيد ابنَ ربیعة ، الذي كان شاعرا فحلا من فحول شعراء الجاھلیة ، بل إن إحدى مطولَّاته تدرجَ ضمن "المعلقات". ([8])
§       انصرف المسلمون إلى رواية الحديث ، وجهاد الشرك فخفت صوت الشعر لقلة الدواعي إليه ، فما يظهر إلا لحين بعد حين .  ([9])
§       أن الشعر في زمن الخلفاء الراشدين – رضي الله عنهم – كان أقل حظًّا منه في زمن النبوة لذهاب المعارضة ولشدة الخلفاء وتأديب الشعراء وانصراف همم العرب إلى الفتوح .([10])
§       أنه  لما جاء الإسلام وجمع كلمة العرب ، وذهبت العصبية الجاهلية ، لم تبقَ حاجة إلى الشعر والشعراء ، ناهيك باشتغال أهل المواهب والقرائح بالحروب في الجهاد لنشر الإسلام وبالأسفار ، وقد أدهشتهم أساليب القرآن ، وبهرتهم النبوة ، وانصرفت قرائحهم الشعرية إلى الخطابة . ([11])
§       أن الشعر لم يلقَ مثل الازدهار الذي كان له في الجاهلية ، وإنما أصابه كثير من الفتور ، ولقي شعر الغزل بصورة خاصة من هذا الفتور أضعاف ما لقيه الشعر في أغراضه الأخرى . ([12])
§       أن العقيدة قد شغلت الشعراء عن قول الشعر والاهتمام به ، مما جعل عدم ظهور أدب إسلامي في مستوى راق فنيًّا أمر يمكن قبوله . ([13])
§       أن الإسلام جاء بثورته الجديدة وفكره الجديد ؛ فقلب مركزية الكون عند العرب، فتحولت من الارتكاز على الطبيعة إلى الارتكاز على الغيب، أو من الجسد إلى الروح، أو من المحسوس إلى المجرد  ، ولأن الشاعر الإسلامي احتاج أن يجد علاقات بين المحسوس والمجرد، بدا الشعر وكأنه في بداية نشأته الأولى، فكل الموروث ذو العلاقات الطبيعية نحـّي جانبا لأنه لا يخدم الفكر الجديد. فظهرت بداية جديدة للشعر العربي حاولت أن تمسك علائق بين المحسوسات والغيبيات لكنها فشلت ، وسبب هذا الفشل ،هو أن الغيب كان المركز لديه والطبيعة عامل ثانوي. فلكي يشبه يتوجب عليه تشبيه المحسوس بالمجرد وهذا غير مفهوم ولا يقبل لا عقلا ولا عاطفة، وإذا شبه المجرد بالمحسوس فانه يدخل ضمن التجسيد أو التقليل من شأن مركز الكون الجديد ( الغيب ). كما إن التشبيه يتطلب استقراء الشيئين لإيجاد علاقة ولو خفية بينهما، والغيب فاقد لعنصر الاستقراء، فكيف يجد الشاعر هذه العلاقة. ([14])
§       أما عن سبب ضعف شعر المشركين، وهم لم يؤمنوا بالفكر الجديد؛ فالمتتبع للشعر الجاهلي، لم يجد  فيه تمجيداً للآلهة ولا افتخاراً بها  او مدحاً لها ، وسبب ذلك هو عدم وجود منافس قوي لتلك الآلهة في الأرض العربية، فاليهود والنصارى كانوا أقلية يسكنون أطراف المدن وليس لهم تأثير يستوجب المنافسة. لكن عندما جاء الإسلام بفكره الجديد وجد الشعراء المشركون أنفسهم في حالة منافسة شديد مما أدى إلى محاولات لإيجاد علاقات جديدة للتعبير عن غرض جديد، ففقدوا بذلك موروثهم العلائقي وابتدأوا من جديد. وكأن شعرهم في بداية نشأته، وهذا ما جعله ضعيفا . ([15])
§       أن ضعف الجانب الفني يكمن في أن الشعر يتكون من جانبين أساسيين : ( القصد والفن ) وبما أن القصد [الفكر] تغير عند المسلمين والمشركين في الشعر، فان ذلك يستوجب أن يتغير معه الفن، لذلك نرى الشعر في تلك المرحلة وكأنه في بداية نشأته بلا موروث فني . ([16])
§       وفضلاً عن تغير مركز الكون عند المسلمين والمشركين معا نجد الطرفين قد التزما بمبدأ ثابت، والشعر مجاله التحرر من الواقع، فأي التزام ـ بغض النظر عن اتجاهه ـ يجعل الأدب ضعيفا ، فالتزام المسلمين أضعف شعرهم وكذلك التزام المشركين . ([17])
§       أن الانفعال والارتجال صفتان تجعلان الشعر سطحياً غالباً، لأن الشعر منبعه الخيال، والخيال يتطلب التأمل، والتأمل يتطلب الوقت الكافي. وبداية العصر الإسلامي كانت مرحلة تغص بالسجالات، والسجالات تستوجب الانفعال والارتجال والسرعة في الرد ، وقد أدى هذا إلى وجود شعر ضعيف نتيجة لتلك الانفعالات . ([18])
وفي مقابل الآراء السابقة التي تنسب للإسلام تأثيرًا سلبيًّا في الشعر ؛ برزت آراء أخرى لبعض المحدثين ، تثبت غير ذلك ، محتجة بجملة أمور ، أظهرها :
o      أن القرآن قصد في سورة الشعراء شعراء الكفر، واستثني أولئك الذين آمنوا وعملوا الصالحات وكرسّوا إبْداعھم لخدمة الدعوة الجديدة ، ونصُرة رسولھا وإشاعة قیمَھا المُثلى . ([19])
o      أن الإسلام أذكى جذوة الشعر وحلّ عقدة الألسن فنطقت بالشعر ، حتى صار يتدفق على كل لسان ، وأنطق بالشعر كثيرين لم يكونوا ينطقونه ، فإذا بنا نجد مكة التي لم تعرف في الجاهلية بشعر يكثر شعراؤها ([20]) ، وأن الشعر  تدفق على ألسنة الفاتحين ، وكانوا ينشدونه في كل معترك مقصّين له حينًا ، وراجزين له أحيانًا أخرى . ([21])
o      أن الأحداث الإسلامية قد ساعدت على ازدهار الشعر لا خموله ، فقد كان هناك شعــراء الدعوة الإسلامية وشعراء المتمردين وشعراء الفتوح ، وشعراء الفتنة الكبرى بين المسلمين ، ومن ثم نجد أن الإسلام أذكى جذوة الشعر وأشعلها . ([22])
o      غاية ما في الأمر أن هناك موضوعات كره الشعراء أن القول فيها ، وأبعدوا أنفسهم عنها فضعف الشعر في هذه الموضوعات فقط ، لكنه استمرّ على قوته في باقي الموضوعات التي لم يأنف الشعراء المسلمون القول فيها بعد أن أباحها الإسلام . ([23])
وقد ناقش بعض الباحثين الآراء القائلة بضعف شعر صدر الإسلام ، نورد خلاصتها فيما يلي :
ü    أن لیونة شعر صدر الإسلام إلى التحول الحضاري الذي شھده العرب بمجيء الحضارة العربیة الإسلامیة؛ ذلك بأنھم كانوا يعیشون في جاھلیتھم حیاة الشظف والترَّحال والانتجاع المستمريّْن والبدَاوة بكل تمثلاتھا؛ لذا جفت طباعُھم وخَشُنت تساوقُا مع واقعھم الحیاتي من منطلق أن "الإنسان ابن بیِئته" كما يقُال، وجَزلُ منطقھم وقويت لغتھم تأثرا بطبیعة حیاتھم آنذاك. ([24])
ü    إذا تصّفحنا مؤلفَّ "الأصمعیات" فسنلفي فیه جملًة لا بأس بھا من الأشعار التي قیلت في مرحلة صدر الإسلام، اختارھا الأصمعي، بوصفھا من عیون الشعر الذي جادت به قرائح شعراء العربیة الأقدمین، انطلاقا من مقايیس ومعايیر محّددة اشترطھا لانتقاء أشعار مصنفَّه؛ من أھمھا الجودة والقوة. ومؤدىّ ھذا أنھا جَزلة رصینة تتوافر فیھا جمیع مقومّات الَفرادةَ والألق الشعري بعیدا عن أي لیونة أو ضعف. وبما أن الأصمعي قد اختار من صدر الإسلام بعضا من قصائد شعرائه، فذاك دلیل قويّ على تمیزُّھا وجودتھا، ولا مجال لنْعتھا بالضعف واللیونة مھما كانت ثیماتھا المَعبرَّ عنھا. ([25])
ü    أن الحُكم على شعر مرحلة برمتھا انطلاقا من قصید شاعر أو اثنین أو ثلاثة ينطوي على كثیر من المخاطرة والمجازفة، ولا يسُلمّ به المرء العادي، بله الدارس المُمَحِّص والناقد الأكاديمي المتسلحِّ بمنھج العلم في البحث والتحلیل والتقويم والحكم. ([26])
ü    أن من يقرأ نصوص ديوان حسان بن ثابت، سواء منھا المنتمیة إلى الجاھلیة أو صدر الإسلام، يتبين له أن شعره في الحقبة الثانیة، التي اتصل خلالھا بالأخلاق وبالدفاع عن الدعوة الجديدة ورسولھا وأصحابه وبباب الخیر عموما،ً كان جْزلا رصینا قويا في لغته وصَوغه الفني، ولم يكن بالساقط أو اللین كما زعم الأصمعي، ولم يتخلف كثیرا عن شعره الجاھلي رغم اصطباغه بالصبغة الخُلقیة، بل إن التماثلَ ملحوظ جٌدا بین شعر حسان الإسلامي وشعر حسان الجاھلي رغم اختلاف بیئتْیھما العاّمتین، والتقاربَ وارد بقوة بینھما من حیث القوة الصیاغیة والمتانة الأسلوبیة والنضج البلاغي وروَعة الموسیقى الإيقاعیة، وإنْ كان الإسلام قد ھذب قريض حسان وأخلصه لمِا يمُلیه الدين الجديُد من قیِمَ وُمثلُ وخُلق حمیٍد . ([27])
ü    لعله من الحَيف لشعر صدر الإسلام أن نحاكمَه ونحكم علیه بمقايیس عصر بلغ خلاله الشعر العربي أْوجَه و ذرُوةَ نضجه، أو بمقايیس آخر انحطّت فیه مكانة الشعر وتراجعت جُذوته، بل الواجبُ أن نقیسه بمقايیس عصره إذا رمُنا أن يكون رأينُا وجَیھا وسديدا. ([28])
وعلیه، فإذا حُكّمت مقايیس الجاھلیة على شعر صدر الإسلام -دونما مراعاة لتفاوت شعري المرحلتین- فإننا قد نْبخَس شعر صدر الإسلام حقه، ونلُصِق به أوصافا غیر مناسبة من قبیل الضعف و اللیونة [29]، وھذه المقايیسُ والخصائص الجديدة تتمثل في التزام الصدق ومعاني الخیر والأخلاق الفاضلة والتعبیر عن كل ذلك في قالبَ جديد، وكذلك مؤثرِّ خالٍ من الغرابة والتعقید، قادر على خدمة المبادئ والأھداف الجلیلة التي كان ينشُدھا الإسلام . ([30])
في رأيي أن هذه الإشكالية برمتها قائمة على علاقة الفن بالدين ، وهذه واحدة من أكثر المسائل التي علينا أن نواجهها صعوبة ؛ فنحن ننظر وراءنا إلى الماضي ؛ فنرى الدين والفن يسيران يدا بيد منذ قبل التأريخ ([31]) إذ لا يوجد عمل أدبي كبير غير متصل بالدين على نحو ما ، من ذلك الملاحم الهندية ، والمعلقات الشعرية العربية والملاحم الفارسية ورسالة الغفران للمعري ، وشعر التصوف والكوميديا الإلهية ، والفردوس المفقود لملتون ، ... ([32])
ولهذا لا يطرد الفصل بين الدين والفن ؛ فإن تعاليم أولهما تحدد بالضبط إبداعات الآخر ، فكهنة الدين والسحرة يشابهون تمام الشبه الفنانين المبدعين ، ولا يوجد الفن إلا وظيفة من وظائف العبادة أو التكفير عن الذنوب .. مما جعل بعضهم يعده غير معبر إلا عن مجال ضيق جدا من المشاعر ، هي مشاعر الخوف . ([33])
فهناك علاقة – إذن - بين رجل الفن ورجل الدين ، لأن كليهما يضيء من مشكاة واحدة ، هي ذلك القبس العلوي الذي يملأ القلب راحة واطمئنانا ، بل إن مصدر الجمال في الفن هو ذلك الذي يغمر نفس الإنسان عند اتصاله بالأثر الفني ، من اجل هذا كان لا بد للفن أن يكون مثل الدين قائما على الأخلاق.([34])
ولا يعني هذا أن كل الشعراء والأدباء مهتمون بالدين ؛ ففي كل عصر يظهر شعراء دينيون وهم قلة ، أما بقية الشعراء وهم الكثرة الكاثرة ، فلم يكن الدين من موضوعات شعرهم ، وهذا لا يعني أنهم مؤمنون بالدين أو بعيدون عنه ، ومثال ذلك شعراء العصر العباسي الكبار ، فأين الدين في شعر المتنبي وأبي تمام والبحتري وابن الرومي وغيرهم !؟ ([35])
كما أن مسألة الحديث عن ضعف الشعر في صدر الإسلام ذات تأثر وثيق بالجدل الذي دار قديما ويدور حديثا بين طائفتين ، طائفة تقول إن الفن ينبغي أن يتحرر حتى من قواعد الأخلاق ، لأن الجمال في الفن ينبع من الإتقان ، وأن الإجادة في تصوير الدمامة والرذيلة لا تقل فضلا عن الإجادة في تصوير الحسن والفضيلة .. هذا صحيح .. ولا أتصور فنا لا يصور الرذيلة كما يصور الفضيلة ، وإن الدين أيضا في تنزيله يصور لنا رجس المشركين وإثم الكافرين ، وقبح المفسدين ، كما يبرز لنا فضل المؤمنين وإحسانهم ، ولكن ليس المقصود هو حرية التصوير ، فهذه مكفولة في الفن ملحوظة في الدين ، إنما المقصود هو ذلك الإحساس الأخير الذي ينقله الفن والدين إلى النفوس .، وهو هذا الإحساس الأخلاقي . ([36])
وفي تراثنا العربي نرى أبا عمرو بن العلاء (154هـ) ، ينقد شعر لبيد بن ربيعة بقوله : " ما من أحد أحب إلي شعرا من لبيد بن ربيعة ؛ لذكره الله عزوجل وإسلامه ، ولذكره الدين والخير ، ولكنه رحى بزر " ([37]) ، ومع أن استدراك أبي عمرو بن العلاء يجعل من شعر لبيد فنا عالي النبرة قليل الفائدة ، لكنه لا ينفي المقياس الخلقي الذي نظر أبو عمرو من زاويته إليه . ([38])
أما الأصمعي (214 هـ) فكان أوضح من أستاذه أبي عمرو ، حيث نظر إلى الشعر نظرة جمالية صرفة ، وقد سبق ذكر كلامه مطلع هذا التقرير .
ويتناوب المد والجزر علاقة الدين بالشعر في القرن الثالث ، ويمثل هذا التناوب رسالتان نقديتان إحداهما لأبي بكر محمد بن القاسم الأنباري والأخرى في الرد عليها لابن المعتز ، إذ يمثل الأول مذهب من يذهب إلى ضرورة ربط الدين بالشعر ، ويدعو إلى نبذ شعر أبي نواس ومن سلك سبيله ، بينما يؤكد ابن المعتز على ضرورة فصل الدين عن الشعر ، لأن الشعر لم يؤسس على ان يكون المبرز في ميدانه من اقتصر على الصدق ، ولم يتجاوز في مدح ، ولم يغرق في ذم ، فلو سلك بالشعر هذا المسلك لكان صاحب لوائه من المتقدمين أمية ابن أبي الصلت الثقفي وعدي بن زيد العبادي إذ كانا أكثر تحذيرا ووعظا من امرئ القيس والنابغة ، وغيرهم ممن تعهد في شعره ، ورغم ذلك فالمقدم هو امرؤ القيس وأضرابه . ([39])
في القرن الرابع قدر للنظرية الجمالية الصرفة أو نظرية فصل الدين عن الشعر الاطراد ، فيقر ر الصولي " وما ظننت أن كفرا ينقص من شعر ولا ان إيمانا يزيد فيه !" . ([40]) ، ثم يستشهد بأقوال العلماء في تقديم امرئ القيس والنابغة وزهير ، والأعشى وكذلك تقديم الأخطل على جرير والفرزدق " فما ضر هؤلاء كفرهم في شعرهم وإنما ضرهم في أنفسهم "([41]) ، ويقول القاضي الجرجاني " والدين بمعزل عن الشعر " . ([42])
وبالجملة يمكننا القول إن الفن غير الأخلاقي هو أحط مرتبة حتى من وجهة النظر الفني الخالصة ، ذلك أن الفن العالي ليس هو الذي يثير فيك أحر المشاعر وأعنفها فحسب ، ولكنه الذي يثير فيه أكرم المشاعر وأرحمها ... فإذا أبدع الفن في تصوير نوع من الشذوذ ، أو الانحطاط ، وحملك بهذا الإبداع على أن تعطف على الانحلال وتعجب بالتدهور ، فإن مجتمعنا بأسره يمكن ان تسري فيه العدوى عن طريق الفن ! ([43])
كما نتفق مع من يذهب إلى أنه ليست وظيفة الفن هي الوعظ ، لأن المطلوب من الفن هي خلق شيء حي نابض يؤثر في النفس والفكر ، وبقدر إثارته الشعور العالي تكون قيمته فنا ومضمونا . ([44])
وستظل إشكالية علاقة الدين بالفن عويصة ، بسبب طبيعة العملية الإبداعية نفسها ، إذ يحاول الأدب تحويل الروحاني الميتافيزيقي إلى مرئي ، بالاتكاء على لغة المجاز أو التصوير اللغوي أكثر من اعتماده على التقرير والمباشرة ... والوعظ والخطابية هما مشكلة الديني حين يلتبس بالأدبي ، وفي الآداب الأوروبية المسيحية كثير من هذا الالتباس الذي يجعل أعمالا أدبية من عصور مختلفة هزيلة أدبيا وإن عظمت أهميتها الأخلاقية . ([45])
لكنه - مع ذلك - يتوجب على الفنان لكي يصل إلى العظمة أن يخاطب مشاعر الجماعة ، وحتى وقتنا الحاضر فإن أسمى مشاعر الجماعة هي المشاعر الدينية ، وعلى الذين ينكرون ضرورة الارتباط بين الدين والفن ، أن يكتشفوا بديلا للمشاعر الدينية عند الجماعات ، يستطيعون به أن يضمنوا الاستمرار التأريخي لهذا الفن غير الديني . ([46])
وما يمكننا الذهاب إليه في مسألة ضعف الشعر في صدر الإسلام ؛ هو القول مع من قال بأن للمسألة وجھین ؛ أحدھما كمَّي ، والآخر كیفي ([47]) :
فأما بالنسبة إلى أولھما فلیس معقولًا – في نظرنا – أن نتحدث عن ضعفٍ في كمَّ الشعر العربي خلال عصريِ النبوة و الخلافة الراشدة، بل الأصْوبَ أن الفترة شھدت تراكما شعريا مھمّا إذا ما قسِناھا بالفترة التي سبقتھا وبالنَّتاج الشعري الذي بلَغنا منھا ، وأن الظروف كانت سانحًة ومواتیة لإثارة القرائح وحَفزھا على قْرض الأشعار ، والأحداثُ والبواعث على القول الشعري في تلك الحقبة كثیرة جدا تبدأ بواقعة البعثة المحمدية، وتنتھي بحادث الفتنة الكبرى وما رافقھا وتلاھا من ماجريات وأحداث ، مرورا بالفتوح والغزوات وحروب الردة وبناء الدولة الإسلامیة ونحوھا من الأحداث العظیمة ، التي كان لا مناص من أن يسُايرھَا الشعر العربي ويصفھا ويعبرّ عنھا ؛ من منطلق صلته الوطیدة بالواقع والعصر والتاريخ .
وأما بالنسبة إلى وجه المسألة الثاني، وھو الضعف الكَیفي المتعلق بصیاغة الشعر وقیمته الفنیة، فیمكننا التسلیمُ بتراجُع شعر صدر الإسلام ولیوُنته فنیا إذا ما قارنَاّه بشعر الجاھلیة وشعر عصر بني أمیة كذلك، والإقرار بانحسار كثیر من مجالات القول التي كان يْبرعَ فیھا أسلافه، وباتجّاه لغته نحو المغايرَة والاختلاف عن لغة الشعر الجاھلي والأموي معا ، ومردَ ذلك إلى تأثر الحیاة الأدبیة بعامة ،والشعرية بخاصة ، على عھد صدر الإسلام بسیاقھا وبمحیطھا العامّ، وتمَاشِیھا مع التحولات الجديدة الطارئة إباّنئٍذ ، واسْتنارتھا بالوحْي ما يمُلیه من مبادئَ وقیم .
ويمكن أن نضرب مثلا على ذلك بإطلالة سريعة على غرض الهجاء في شعر صدر الإسلام ، باعتباره غرضا غير محمود من الوجهة الشرعية ؛ إلا أننا نجده مع ذلك ؛ اعتمد على الأنساب والقبيلة وحماية الجار والدفع إلى الآثار ، وذم الجبن والعورات والمثالب ، وأضاف إلى هذه المعاني ما جاء به الدين الجديد من التعيير بالشرك ، ومخالفة الله وعبادة الأوثان والتهديد والوعيد بنار جهنم والعذاب فيها ، فأفاد من القرآن الكريم وأخذ من معانيه وآياته في هذا الباب ، فقد سبق القرآن الكريم إلى هذه الحرب وهذا الوعيد ، فكان المعلم العظيم في الهجاء الديني ، إذ تناول المشركين والكفار فأصلاهم نارا حامية ، وصب عليهم سوط عذاب ، ووصف امرأة أبي لهب بأنها حمالة الحطب ووصف حبلها بأنه من مسد ، ووصف الشعراء المشركين بأنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون ، ووصف المنافقين بالكذب وندد بسوء أعمالهم وأنهم مرضى القلوب ، فهم السفهاء الذين اشترو الضلالة بالهدى ... ، وهجا اليهود فلعنهم بكفرهم ، وباؤوا بغضب على غضب وبأنهم مغضوب عليهم ، وأنهم قتلة الأنبياء وأنهم غلت أيديهم ولعنوا .. ([48]) وجعل منهم القردة والخنازير وعبدة الطاغوت ... ([49])
وقد سلكت هذه الآيات وأمثالها سبيلها إلى أخيلة الشعراء وأفكارهم فاستعاروا صورها ونوعوا عليها ([50]) فنجد لحسان بن ثابت قصائد مدحية كثيرة جرت على هذا المنوال في استلهام الصور القرآنية ، لكننا في المقابل نرى له أسلوبا جاهليا في هجاء المشركين ، إذ يوجعهم بلغة تغلب عليها البداوة ، فيتناول أم معاوية مثلا بما لا يحسن ذكره من أعضائها ، وينسب إليها الفاحشة والعهر ، ويتناول عمرو بن العاص بشعر مقذع يعتذر في ختامه أنه لم يستطع أن يقول ما كان يريد قوله :
لولا النبي وقول الحق مغضبة ** لما تركت لكم أنثى ولا ذكرا ! [51]
وقال في هجاء قوم :
ذهبت قريش بالعلاء وأنتم ** تمشون مشي المومسات الخرَّع !
أنتم بقية قوم لوط فاعلموا ** وإلى خناثكم يشار بإصبع ! [52]
فالإسلام – إذن - لم ينه عن الشعر عموما ، ولا شجع الشعر دون تهذيب وتوجيه ، بل ذم الشعر الذي كان ينال من الإسلام ونبيه ودعوته أول الأمر ، ثم صار يشجع أصحابه من المسلمين على مناقضة الكفار ومهاجاتهم ، ثم لما دخلت قريش في الإسلام صار من غير المستساغ ترداد أشعار المهاجاة تجنبا لإثارة الضغائن . ([53])
ومن خلال اطلاع سريع على أطراف هذا الموضوع في مراجع شتى ، يمكن استخلاص الآتي :
·       أن ظهور الإسلام غير وجه الحياة ومنها الشعر ، فعمّ التغيير الألفاظ والأساليب والصور والمعاني ، وهذا التغيير لا شكّ في أنه كان إلى الأفضل ؛ لأن مصدره هو أعظم بيان عرفته الأرض (القرآن الكريم) ، وكلام أفصح الفصحاء محمد صلى الله عليه وسلم .
·       حديث ابن سلام الجمحي وابن خلدون كان منصبًّا على الكم لا الكيف ، أما الأصمعي فقد تطرق إلى الجانب اللغوي وقال بلين الشعر في هذه الفترة الزمنية ، غير أن هناك فرقًا بين اللين والضعف , فلعل المقصود باللين الرقة والسهولة نقيض الجزالة والفخامة , وهذا ما عناه ابن سلام حين تحدث عن شعر عدي بن زيد إذ قال : " كان عديّ يسكن الحيرة ويراكن الريف فلانَ لسانُه وسهلَ منطقُه " ([54]) ، فاللين هنا سمة أسلوبية حضارية .
·       انحسرت بعض أغراض الشعر التي ضيق عليها الدينُ المسالكَ ، كالغزل الصريح ، وهجاء المسلمين ، والفخر بالذات وتحقير الآخرين . أما ما عدا ذلك فإن مظانّ الشعر مملوءة به .
·       زخر هذا العصر بأحداث كبرى شكلت ملهمات للشعراء في هذا العصر ، ومن هذه الأحداث : ظهور الإسلام ، حروب الردة ، الفتوح الإسلامية ، الفتنة الكبرى .
·       هناك مجموعة من الشعراء لم تهتمّ بهم كتب الأدب ، ولم يدرسهم المعنيون بالأدب , ومازالت أشعارهم حبيسة كتب طبقات الصحابة وكتب السير ، قال شوقي ضيف : " ويكفي أن نرجع إلى سيرة ابن هشام فسنرى سيوله تتدافع من كل جانب ، وحقًّا فيها شعر موضوع كثير ، ولكن حينما يُصفّى وحين نقابل عليه ما ارتضاه ابن سلام وغيره من الرواة الموثوق بهم نجدنا إزاء ملحمة ضخمة تعاون في صنعها عشرات من الشعراء والشاعرات " . ([55])
   


المصادر والمراجع :
·        الإسلام والشعر ، فايز ترحيني ، دار الفكر اللبناني – بيروت – ط1 ، 1990 م .
·        بحث بعنوان : ھلْ ضَعُفَ الشّْعُر العَربّي، حقاّ في صَدْر الإْسلاِم ؟www.adabislami.org/magazine/2012/07/573/38
·        تأريخ آداب اللغة العربية ، جرجي زيدان ، منشورات مكتبة الحياة ، بيروت ، لبنان ، 1983م .
·        تأريخ الأدب العربي ، أحمد حسن الزيات ، منشورات دار الحكمة ، دمشق – بيروت .
·        تطور الغزل بين الجاهلية والإسلام ، شكري فيصل ، دار العـــــلم للملايين ، ط7 ، 1986م .
·        تيارات النقد الأدبي في الأندلس في القرن الخامس الهجري ، مصطفى عبد الرحيم ، مؤسسة الرسالة – بيروت – ط1 ، 1984 .
·        جمع الجواهر في الملح والنوادر ، الحصري ، د.ب .
·        الدين والأخلاق والشعر ، محمد سعد فشوان ، مكتبة الكليات الأزهرية ، القاهرة ، ط1 ،  1985م .
·        شعر الفتوح الإسلامية في صدر الإسلام ، النعمان عبد المتعال القاضي ، الدار القومية للطباعة والنشر ، القاهرة ، 1965م .
·        طبقات فحول الشعراء ، محمد بن سلام الجمحي ، محمود محمد شاكر ، دار المدني ، جدة ، 1980م .
·        العصر الإسلامي ، شوقي ضيف ، دار المعارف – القاهرة – د.ط ، د.ت .
·        فن الأدب ، توفيق الحكيم ، دار مصر للطباعة ، د.ط ، د.ت .
·        قلق المعرفة إشكالات معرفية وثقافية ، سعد البازعي ، المركز الثقافي العربي – الدار البيضاء – ط1 ، 2010م .
·        لبيد بن ربيعة العامري ، د. يحيى الجبوري ، دار القـــــلم ، الكويت ، ط3 ، 1983م .
·        المستشرقون والشعر الجاهلي بين الشك والتوثيق ، يحيى الجبوري ، دار الغرب الإسلامي – بيروت ، ط1 ، 1997م .
·        معنى الفن ، هربرت ريد ، ترجمة : سامي خشبة ، مراجعة : مصطفى حبيب ، الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة – د.ط ، 1998 م .
·        مقال بعنوان " لماذا ضعف الشعر ؟ " ، كامل محمود كامل ، منشور على موقع جريدة العراق اليوم ، 15 /7/2012م .
·        مقدمة ابن خلدون ، عبد الرحمن بن خلدون ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت - ، ط4 ، د.ت .
·        الملامح العامة لنظرية الأدب الإسلامي ، د. الطاهر محمد علي ، دار المعرفة الجامعية ، ط1 ، 1989م .
·        الموشح ، أبو عبد الله محمد بن عمران المرزباني ( ت 384هـ) ، المطبعة السلفية ، 1343هـ.  .
·        الهجاء ، محمد سامي الدهان ، دار المعارف – القاهرة – ط3 ، د.ت .
·        الوساطة بين المتنبي وخصومه ، للقاضي علي الجرجاني ، تحقيق : محمد أبو الفضل إبراهيم و علي البجاوي ، المكتبة العصرية – بيروت – ط1 ، 2006 م .




[1] الهجاء ، ص 69 .
[2] نفسه ، ص 69 .
[3] نفسه ، ص 69 .
[4] الموشَّح ، للمْرزباني ، ص 305 .
[5] طبقات فحول الشعراء ، ص 22  .
[6] المقدمة ، ص 687 .
[7] بحث بعنوان : ھلْ ضَعُفَ الشّْعُر العَربّي، حقاّ في صَدْر الإْسلاِم ؟www.adabislami.org/magazine/2012/07/573/38
[8] نفسه ،  www.adabislami.org/magazine/2012/07/573/38 .
[9]    تاريخ الأدب العربي ، ص 106 .
[10]    ينظر : نفسه ، ص 106 .
[11]    تاريخ آداب اللغة العربية ، 1 / 189
[12]    تطور الغزل بين الجاهلية والإسلام ، ص 228 .
[13]    الملامح العامة لنظرية الأدب الإسلامي ، ص 86 .
[14] من مقال بعنوان " لماذا ضعف الشعر ؟ " ، كامل محمود كامل ، منشور على موقع جريدة العراق اليوم ، 15 /7/2012م .
[15] نفسه ، موقع جريدة العراق اليوم ، 15 /7/2012م .
[16] نفسه ، موقع جريدة العراق اليوم ، 15 /7/2012م .
[17] نفسه ، موقع جريدة العراق اليوم ، 15 /7/2012م .
[18] نفسه ، موقع جريدة العراق اليوم ، 15 /7/2012م .
[19] بحث بعنوان : ھلْ ضَعُفَ الشّْعُر العَربّي، حقاّ في صَدْر الإْسلاِم ؟www.adabislami.org/magazine/2012/07/573/38
[20]    العصر الإسلامي ، ص 46 .
[21]   نفسه ، ص 67  .
[22]    ينظر : نفسه ، ص 50 .
[23]    نفسه ، ص 110 .
[24] بحث بعنوان : ھلْ ضَعُفَ الشّْعُر العَربّي، حقاّ في صَدْر الإْسلاِم ؟www.adabislami.org/magazine/2012/07/573/38
[25] نفسه ، www.adabislami.org/magazine/2012/07/573/38
[26] نفسه ،www.adabislami.org/magazine/2012/07/573/38
[27] نفسه ،www.adabislami.org/magazine/2012/07/573/38
[28] نفسه ،www.adabislami.org/magazine/2012/07/573/38
[29] نفسه ،www.adabislami.org/magazine/2012/07/573/38
[30] نفسه ،www.adabislami.org/magazine/2012/07/573/38
[31] معنى الفن هربرت، ص 50 .
[32] قلق المعرفة إشكاليات فكرية وثقافية 41 – 42 .
[33] معنى الفن هربرت، ص 51 .
[34] فن الأدب ص 70 .
[35] المستشرقون والشعر الجاهلي بين الشك والتوثيق ، ص 97 .
[36] فن الأدب ، ص 70 .
[37] الموشح للمرزباني ، ص 64 .
[38] تيارات النقد الأدبي في الأندلس في القرن الخامس الهجري ، ص 329 .
[39] نفسه  ، ص 329 ، و جمع الجواهر ص 34 .
[40] تيارات النقد الأدبي في الأندلس في القرن الخامس الهجري ، ص 330 ، و أخبار أبي تمام للصولي 1 / 172 .
[41] أخبار أبي تمام للصولي 174 ، وتيارات النقد الأدبي في الأندلس في القرن الخامس الهجري ، ص 330
[42] الوساطة ، ص 4 .
[43] فن الأدب ، ص 71 .
[44] نفسه ، ص 71 .
[45] قلق المعرفة إشكاليات فكرية وثقافية ، ص 43 .
[46] معنى الفن هربرت ، ص 52 .
[47] بحث بعنوان : ھلْ ضَعُفَ الشّْعُر العَربّي، حقاّ في صَدْر الإْسلاِم ؟www.adabislami.org/magazine/2012/07/573/38
[48] الهجاء ، ص 70 .
[49] نفسه ، ص 71 .
[50] نفسه ، ص 71 .
[51] نفسه ، ص 71 - 72
[52] نفسه ، ص 72
[53] الإسلام والشعر  ، ص 87 .
[54]    طبقات فحول الشعراء ، 1 / 140  .
[55]    العصر الإسلامي ، ص 5 3 .